هو ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب .
حواري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وابن عمته صفية بنت عبد المطلب ، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، وأحد الستة أهل الشورى ، وأول من سل سيفه في سبيل الله ، أبو عبد الله - رضي الله عنه - ، أسلم وهو حدث ، له ست عشرة سنة . وقد ورد أن الزبير كان رجلا طويلا إذا ركب خطت رجلاه الأرض ، وكان خفيف اللحية والعارضين .
كان الزبير فارساً مغوراً منذ صغره وكان يحب الرسول صلى الله عليه وسلم حبا شديدا ، وفي يوم من الأيام سرت إِشاعة بين الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قُتل ، فخرج الزبير وهو غلام ، ابن اثنتي عشرة سنة ، بيده السيف ، فمن رآه عجب ، وقال: الغلام معه السيف ، حتى أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : " ما لك يا زبير " ؟ فأخبره وقال : أتيت أضرب بسيفي من أخذك .
ولقد كان يحب الشهادة في سبيل الله ، فجعل يسمي أولاده بأسماء الذين استشهدوا لعلهم ينالوا الشهادة .
وعـلى الرغـم من شرفه ونسبه فى قومه إلا أنه أخذ حظه من الظلم والتعـذيب والاضطهاد .
فقال يتيم عـروة : هاجر الزبير وهو ابن ثمان عـشرسنة ، وكان عـمه يعـلقه ويدخن عـليه ، وهو يقول : ( لا أرجع إلى الكفر أبداً ) ، وهاجر الزبير إلى الحبشة الهجرتين - الأولى والثانية - ثم عـاد ليشهد مع رسول الله صلى الله عـليه وسلم المشاهد كلها ، وإذا تأملت جيدا في وصفه ستعرف كيف كان قتاله - رضي الله عنه - .
فعـن عـروة قال : كان في الزبير ثلاث ضربات بالسيف : إحداهن فى عـاتقه إن كنت لأدخل أصابعـي فيها ضُرب ثنتين يوم بدر وواحدة يوم اليرموك ، وعـن عـلى بن زيد قال : أخبرنى من رأى الزبير وإن فى صدره مثل العـيون ، من الطعـن والرمي .
ولقد بذل ( الزبير ) الكثير والكثير فى سبيل الله فلقد جعـل نفسه وماله وقفا لله ، عـز وجل ، فأكرمه الله ورفعـه فى الدنيا والآخرة .
فها هو في يوم بدر كانت عـليه عـمامة صفراء معـتجراً بها ، فعـن عـروة أنه قال : كانت عـلى الزبير يوم بدر عـمامة صفراء فنزل جبريل عـلى سيماء الزبير - أى عـلى هيئته - فيا لها من منقبة عظيمة لا توازيها الدنيا بكل ما فيها ، وقتل الزبير - رضي الله عنه - يوم بدر عمه نوفل بن خويلد بن أسد ، وكذا عبيدة بن سعيد بن العاص .
أما في يوم أحد فرأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقتل المسلمين قتلاً عـنيفا فقال : ( قم إليه يا زبير ) فرقى إليه الزبير ، حتى إذا علا فوقه اقتحم عـليه فاعـتنقه ، فأقبلا ينحدران حتى وقعـا إلى الأرض ، فوقع الزبيرُ عـلى صدره وقتله .
وكان هو وأبا بكر من { الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ } ، فلما انصرف المشركون في يوم أحد ، أراد الرسول أن ينتدب في آثارهم رجالاً حتى يعلموا أن بالمسلمين قوة فلا يرجعوا ، فانتدب أبو بكر والزبير في سبعين ، فخرجوا في آثار المشركين فسمعوا بهم ، فانصرفوا ، قال تعالى : { فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ } . لم يلقوا عدواً .
وفي يوم الخندق ، روى البخارى ، ومسلم عـن جابر : قال رسول الله صلى الله عـليه وسلم يوم الخندق : من يأتينا بخبر بنى قريظة ، فقال الزبير : أنا ، فذهب عـلى فرس ، فجاء بخبرهم ، ثم قال الثانية ، فقال الزبير : أنا ، فذهب ، ثم الثالثة ، فقال النبى صلى الله عـليه وسلم ( لكل نبى حواري ، وحواريَّ الزبير ) .
قال عـلي بن أبى طالب : أشجع الناس الزبير ، ولا يعـرف قدر الرجال إلا الرجال .
وقال الثورى : نجدة الصحابة : حمزة وعـلي والزبير .
وفي يوم حنين ، طاعن المشركين حتى أزالهم عن أماكنهم ، فقال قائد المشركين : أحلف باللات ليخالطنكم فاثبتوا له . فلما انتهى الزبير إلى مواضع المشركين وأبصرهم ، قصدهم ، فلم يزل يطاعـنهم حتى أزاحهم عـنها .
ولله در أشجع الناس الذى قال فيه عـلي بن أبى طالب : ( يغـضبُ كالنمر ، ويثبُ وُثوبَ الأسد ).
وفي يوم اليرموك ، قال ابن كثير : ( وقد كان فيمن شهد اليرموك : الزبير بن العـوام ، وهو أفضل من هناك من الصحابة ، وكان من فرسان الناس وشجعـانهم ، فاجتمع إليه جماعـة من الأبطال يومئذ ، فقالوا : ألا تحمل فنحمل معـك ؟ فقال : إنكم لا تثبتون ، فقالوا : بلى . فحمل وحملوا ، فلما واجهوا صفوف الروم أحجموا وأقدم هو ، فاخترق صفوف الروم حتى خرج من الجانب الآخر ، وعـاد إلى أصحابه ، ثم جاءوا إليه مرة ثانية ففعـل كما فعـل فى الأولى ، وجرح يومئذ جرحين بين كتفيه وفى رواية جرح ) .
وفي فتح مصر ، كانت له شجاعة مطلقة حيث ذهب على رأس الجيوش التي طلبها عمرو بن العاص من عمر بن الخطاب كمدد للجيش ، فكتب الله النصر علي يد الزبير - رضي الله عنه - .
وجاءت اللحظة التي استشهد فيها في يوم الجمل ، فعـن أبي حرب بن الأسود الديلي ، قال : شهدت الزبير خرج يُريد عـلياً ، فقال له عـلي : أنشدك الله هل سمعـت رسول الله صلى الله عـليه وسلم يقول : ( تقاتله وأنت له ظالم ؟) ، فقال : أذكر ، ثم مضى الزبير منصرفاً ، وقتل بعد ذلك غدراً على يد (عمرو بن جرموز) ، وفى رواية : جيء برأس الزبير إلى عـلي ، فقال عـلي : تبوأ يا أعـرابي مقعـدك من النار ، حدثنى رسول الله صلى الله عـليه وسلم أن قاتل الزبير فى النار .
فرحمة الله على الزبير ورضي الله عنه .
روائع الصحابةالكرام
ردحذف